quand la Chine s éveillera le mande tramblera


بعد نحو أربعين سنة من صدور الكتاب لصاحبه الملحق الصحافي الفرنسي بالسفارة الفرنسية بيكين الذي عنونه ب "quand la Chine s éveillera le mande tramblera"، تتحقق نبوءة الكتاب و صاحبه، حيث ان الصين استفاقت، و أصبحت مصنع العالم، و محور الاقتصاد العالمي، و قبلة رجال الاعمال، و مركز الشركات متعددة الجنسيات، و أصبحت الداءن الاول للولايات المتحدة الأمريكية بتريليونات الدولارات، و عجزت هذه الأخيرة عن تسديد ما بذمتها للصين، اضحت هذه الأخيرة تبحث لها عن دور محوري في قيادة العالم بعد ان كانت الولايات المتحدة الأمريكية منفردة بذلك منذ ان سقط جدار برلين بعد تفكك الاتحاد السوفياتي و حلف وارسو عقب سياسة البيريسترويكا التي قادها غورباتشوف أواخر الثمانينات من القرن الفارط.

هذه المرحلة (مرحلة تسلط الولايات المتحدة على العالم) التي اتسمت بكثرة الحروب و النزاعات المفتعلة، خاصة في رقعة العالم الاسلامي، حيث احتلت امريكا افغانستان، و دمرت العراق تحت ذراءع واهية، و اتهامات باطلة، تيقن العالم مؤخرا انها كانت حربا ظالمة على مهد الحضارات من طرف نظام قام على اشلاء الضحايا و دماء الابرياء، و اشعل فتنة في الشام اتت على الأخضر و اليابس في تلك البلاد التي كانت تحيى في سلام و استقرار، الا ان قوى الشر في الولايات المتحدة التي ابت الا ان تزعزع استقرار تلك البلاد.. 

منذ ان قامت هذه الدولة و البشرية تعاني الامرين من تسلطها، قضت على نحو ماءة مليون من الهنود الحمر السكان الاصليون للقارة الأمريكية، و الدولة الوحيدة التي أطلقت قنبلتين نوويتين دكت بهما مدينتان على رؤوس سكانها، هما هيروشيما و ناكازاكي.

و يذهب كثير من المحللين الى انها التي كانت وراء نشوب الحرب الروسية الأوكرانية و ذلك من اجل تدمير الاقتصاد الروسي و قواتها العسكرية، و يقال ان الرئيس الاوكراني زيلينسكي اراد اكثر من مرة التفاوض مع بوتين لانقاذ ما يمكن انقاذه في بلاده، الا ان الولايات المتحدة كانت تثنيه عن ذلك و تشجعه على مواصلة القتال، حتى دمرت أكرانيا بكاملها او تكاد.

و لم يقف كيد الولايات المتحدة باوكرانيا وحدها، بل شمل ذلك حتى حلفاءها في الناتو، فقد عملت على تدمير اقتصاد كل من ألمانيا و فرنسا خاصة في الاتحاد الاوربي، لتشجيع هذا الأخير على فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، كان ضررها على اوربا اكثر من ضررها على روسيا.

اما الصين التي كانت تراقب الوضع، و تتصرف بكل ذكاء، و تركت او على الاصح اجلته الى حينه، مشكل تايوان التي كانت الولايات المتحدة تحاول جرها اليه كي تعرفها في اتونه، و راحت تساند روسيا في حربها ضد الناتو في أوكرانيا.

و بعد ملاحظة ميول كفة الحرب لصالح روسيا، بدات تتحرك بتادة، و تفرض نفسها كقوة لها وزنها في العالم، و هكذا فرضت اليوان في بيع و شراء النفط و الغاز، و تدخلت في بعض النزاعات التي كانت على وشك الانفجار، خاصة بين إيران و السعودية و اسرائيل بدعوى هدم المشروع النووي الايراني، فتبادلت ايران و السعودية فتح السفارات، و كذا السعودية و سوريا، الشيء الذي لم يرق الولايات المتحدة، فارسلت رءيس استخباراتها الى السعودية ليحذره من مغبة الاستمرار في التقارب مع الصين كما ذهب الى ذلك بعض المراقبين.

و الجدير بالذكر ان روسيا صمدت في حربها رغم الدعوات القوية من طرف الناتو، و ان هذا الأخير يعرف تصدعا خطيرا بعد ان شعر الاوربيون ان الولايات المتحدة دفعت بهم للمواجهة مع روسيا و تخلت عنهم، مما جعل الاقتصاد الفرنسي و الألماني يعرف صعوبات قوية، و ما الاقتصاد الامريكي باحسن حال منهم، نتيجة النفقات الباهظة التي صرفتها من اجل دعم أوكرانيا في حربها مع روسيا دون بلوغ المراد.

و استطاعت الصين و روسيا ان تشكلا حلفا اقتصاديا جديدا يضم الى جانبهما كلا من الهند و ايران و جنوب افريقيا، كما انضمت السعودية بثقلها المالي، هذا الحلف الذي قرر أن يتحرر من هيمنة الدولار و يتعامل باليوان.

فماذا سيكون رد الولايات المتحدة، هل ستذهب إلى الحل العسكري، و نحن نعرف الإمكانيات العسكرية خاصة منها النووية لدى الطرفين، إمكانيات قادرة على محو معالم الحياة من على هذا الكوكب، أم ستضطر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات و القبول بتقاسم زعامة العالم مع الصين؟

الشهور القليلة القادمة ستبين الوجهة التي سيتجه إليها مصير العالم..




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-