نحو نظام عالمي جديد


يشهد العالم تطورات خطيرة، و تحولات في موازين القوى بين الشرق و الغرب تجري اطوارها من خلال فصول او ويلات الحرب المشتعلة على الارض الاوكرانية، و النقاشات بين المفكرين و السياسيين على كثير من المحطات التلفزية، و الحوارات مع الاستراتيجين و اصحاب الدراسات المستقبلية، من اجل فهم ما يجري، و استطلاع اراءهم و توقعاتهم حول المخاض الذي يعرفه العالم، و ما سترسو عليه سفينته بعد ان يخمد بحرها الهاءج، بينما تلفزتنا تروج لمسلسلات رمضان و البرامج الحامضة على عادتها التي ستعرضها خلال الشهر الفضيل، فلا هي امتعت و لا تركت الناس تؤدي صومها كما يريد ربها.

تهدمت أوكرانيا و قتل شعبها و هجر بتدبير من الولايات المتحدة الأمريكية مصدر الشرور للإنسانية منذ ان وجدت، و توصلت بعض الدول الأوربية (فرنسا و المانيا و انجلترا و غيرها) الى الإفلاس بعد ان دفعتها إلى مقاطعة الغاز الروسي و فرض عقوبات على روسيا، معتقدة ان روسيا ستنهد و تتراجع بسبب تلك العقوبات، لكن انقلب السحر على الساحر.

و تشهد الولايات المتحدة أزمة اقتصادية خانقة، بفعل تساقط مجموعة من الابناك، بفعل تهريب عشرات ان لم يكن مءات ملايير الدولارات الى اسرائيل، كما فضحت ذلك بعض وساءل الاعلام الأمريكية نفسها.

كما أن هناك تحركات للمارد الصيني الذي ظل ساكنا عقودا من الزمن، و بدا يتململ ليجد لنفسه موطء قدم في قيادة العالم، بعد ان انفردت امريكا بذلك منذ ان سقط جدار برلين، و تفكك الاتحاد السوفياتي، و قامت الصين بدور وساطة بين السعودية و ايران، حيث انخفض حدة التوتر الذي كان يخيم على العلاقة بين الطرفين، و هي خطوة جريئة من الصين في منطقة كانت خاضعة للنفود الامريكي، و اقدمت على دعم روسيا مباشرة و بكل وضوح في الحرب التي تخوضها ضد الغرب،

كما فرضت الصين عملتها اليوان في بيع و شراء النفط، و التخلص من هيمنة الدولار الامريكي، و قبلت السعودية بذلك، و هذا ما لا تقبله الولايات المتحدة، مما قد يدفع هذه الأخيرة إلى اشعال حرب عالمية كما يقول الكثير من المتتبعين، و بالتالي تحل الكارثة بالعالم اجمع.

و في الوقت الذي تشعر فيه مجموعة من الدول الأوربية ان الولايات المتحدة تخلت عنها لمواجهة ازماتها الاقتصادية و الاجتماعية مما قد يعرض حلف الناتو للتفكك، نرى في المقابل قيام حلف بريكس يضم تقريبا ثلث سكان الارض او اكثر بضمه الهند و الصين و روسيا و ايران و دول اخرى..

فهل ستشعر الولايات المتحدة بفقدان مكانتها، و التطاول على مصالحها، فتجند شرورها و تدخل العالم في مأساة جديدة تنضاف الى شرورها السابقة: قتل 100 مليون هندي سكان امريكا الاصليين، القبلتين النوييتين، الحروب الظالمة على افغانستان و العراق و سوريا، و غيرها من المآسي التي عانت منها كثير من الشعوب المستضعفة؟..

ام ستضطر امام ازمتها الاقتصادية، و الصمود العسكري لروسيا في اوكرانيا، و صعود قوة منافسة: الصين و روسيا (اقتصادية و عسكرية)، الى الجلوس على طاولة المفاوضات، و تقبل بقيادة للعالم ثناءية القطبين: الصين و الولايات المتحدة؟..

الجواب لن يعرف الا في الاسابيع و الشهور القليلة المقبلة، و غالبا سيسفر عن ميلاد نظام عالمي جديد كما ذهب الى ذلك كثير من الدارسين..



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-