لعل المتتبعين للاخبار بلادنا على الاقل سمعوا بالهاكر الفرنسي الشاب سباستيان راوولت الذي قام بجراءم مالية كبيرة، حيث اخترق حسابات بعض رجال الاعمال الأمريكيين و سرق منها مبالغ ضخمة (على عادة الفرنسيين الذين يعيشون منذ عقود على سرقة غيرهم خاصة افريقيا)، "و اتفطح مع رأسه"، و لما ضبطته المباحث الأمريكية، طلبت من الشرطة الدولية الانتروبول القبض عليه، و ظل متخفيا، و يتجول بين البلدان بهويات مزورة، و كانت اخر بلاد زارها المغرب، حيث ضبطه اصحاب الحال، و عرف ذلك الامريكان، فطلبوا من المغرب تسليمه لهم، علمت بذلك الدولة الفرنسية، فجاءت وزيرة الخارجية الفرنسية على عجل لتاخذ مواطنها صحبتها في الطاءرة و هي تهم بالرجوع الى بلادها، فما كان من المغرب الا ان اتبع المسطرة القانونية المعمول في هذا الشأن، و سلم الهاكر الى الامريكان، فرجعت وزيرة الخارجية الفرنسية بخفي حنين.
و في الايام القليلة الماضية، وقعت بالجزاءر قصة شبيهة لكنها مختلفة من حيث التفاصيل، حيث دخلت معارضة تدعى براوي جزاءرية البلاد، و كانت لها مشاكل مع سلطات بلادها، فارادت الشرطة القبض عليها، و شعرت بالامر، فتسللت عبر الحدود التونسية حتى وصلت مطار العاصمة، و اخذت تذكرة سفر بالطائرة بجواز فرنسي، لكن الجمارك التونسية قبضت عليها، فاشتغلت الهواتف بين باريس و تونس و الجزاءر، فما كان من مسؤولي البلدين، و خاصة "القوة الضاربة" الا ان خضعت و طاطات الرأس امام أمر ماماها فرنسا، و أطلقت سراح المعنية بالأمر التي وصلت باريس سالمة.
لقد صدق من قال: جعجعة بلا طحين"، ذلك انه اذا سمعت الى وساءل اعلام "القوة الضاربة" تظن أن هناك شيءا ما، و لكن حين تنظر الى الواقع و الى المواقف لا تجد الا الفراغ، شعارات و خطابات و اصوات تصدع الآذان.
فشتان بين من يعمل بلا ضجيج، و بين من يتكلم و يرفع عقيرته "على الفاضي"..