هل العالم يسير نحو حرب عالمية ثالثة؟

 


منذ مدة ليست بالقصيرة، و بعض المفكرين و المهتمين بالسياسة و الاقتصاد على مستوى العالم، ينذرون و يحذرون البشرية من أزمات خانقة على كافة المستويات، خلال العشرية التي نحياها: 2020 - 2030، نظرا للتجاذبات التي تعرفها العلاقات بين القوى الكبرى خاصة روسيا و الصين من جهة، و الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الاوربي من جهة ثانية.

هذه التجاذبات التي بدأت بانضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي، و احتجاج روسيا على ذلك، لأنها ترى في ذلك تهديدا لأمنها القومي، لذلك قامت باجتياح جزيرة القرم سنة 2015، و استمر التوتر و مطالبة روسيا بابتعاد حلف الناتو عن حدودها، لكنه لم يفعل، فكانت مفاجأة اجتياح روسيا لأوكرانيا خلال بداية سنة 2022، و كانت (روسيا) تظن أن العملية ستنتهي في أجل محدد لا يتعدى بضعة اشهر، إلا أن وقوف حلف الناتو إلى جانب أوكرانيا و دعمها بكميات كبيرة من السلاح المتطور جدا، جعل هذه الأخيرة تصمد في وجه الهجمة الروسية، و تكبد قواتها خسائر جسيمة على المستوى البشري و العتادي.

و دفعت الولايات المتحدة أوربا إلى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، هذه الأخيرة واجهتها بإجراءات مضادة تتمثل في توقيف ضخ الغاز إلى الاتحاد الأوربي، و فرض التعامل بالروبل العملة الروسية بدل الدولار.

و قد تضررت دول الاتحاد الأوربي من هذا الإجراء و خاصة ألمانيا باعتبارها رابع اقتصاد عالمي، فتوقفت بعض المصانع عن الإنتاج، و بدأت الطوابير تظهر أمام بعض محطات التزود بالوقود، و أصابت بعض المواد الغذائية الندرة، و الأمر سيتفاقم مع حلول السنة المقبلة 2023، حيث سيشتد البرد، و يفقد الناس وسيلة التدفئة، و ستزداد ندرة المواد الغذائية، و سترتفع نسبة البطالة بإغلاق المصانع أبوابها، مما سيؤدي إلى اضطرابات سياسية و اقتصادية و اجتماعية، قد تؤدي إلى نتائج وخيمة.

و مع ازدياد دعم حلف الناتو لأوكرانيا و تزويدها بالأسلحة المتطورة و حتى بالرجال، و زعمها بقبول طلب كل من فنلاندا و النرويج الانضمام إلى حلف الناتو، و هما دولتان أوربيتان تتقاسمان الحدود مع روسيا، جعل الزعيم الروسي يزيد من تهديده باستخدام السلاح النووي، إن تمادى حلف الناتو في  توسعه و تهديده لأمن بلاده، مما سيؤدي الى اندلاع حرب عالمية ثالثة، قد لا تبقي و لا تذر إن استعمل فيها السلاح النووي، فروسيا وحدها تمتلك ترسانة نووية تستطيع تدمير العالم أكثر من عشرين مرة.

و الحرب واقعة لا محالة كما ذهب إلى ذلك بعض المحللين، منهم د. طلال أبو غزالة المفكر الأردني المعروف، الذي يقول إن هذه العشرية ستمر على البشرية سوداء بسبب الأزمات و الحروب التي ستعرفها، و الكوارث الطبيعية من احتباس حراري و غيرها، و آثار ذلك على الطبيعة و الإنسان، من تغير مناخي و أوبئة و سوى ذلك.

و يشير د. أبو غزالة إلى أن الصين رغم التزامها الصمت، فإنها مشاركة في الصراع إلى جانب حليفها روسيا، لأنها ترفض أن تستمر الولايات المتحدة في تزعم العالم دون أن يكون لها دور في المشهد العالمي، و هي تعمل على خنق الاقتصاد العالمي، بنقص السلع، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، و ذلك عن طريق غلق المصانع و التزام الناس بيوتها، بدعوى الحماية من الأوبئة، كما أنها ترفض الاستمرار في التعامل بالدولار، و تريد أن تفرض عملتها في التجارة العالمية باعتبارها أكبر مصنع و مورد للسلع على المستوى العالمي.

باختصار، إن الوضع في الأشهر و السنوات القادمة مقلق، و لا ينبء بالخير، و الأوضاع تزداد توترا بين طرفي الصراع، حيث يتم الحديث عن أن الأسلحة تتراكم على الحدود بين الطرفين، بآلاف الأطنان، و القريبون من المشهد أيديهم على قلوبهم..

الولايات المتحدة و من يقف خلفها أو يدفعها للمضي قدما من اللوبي اليهودي، تريد إسقاط الدب الروسي و قطع رأس بوتين، عن طريق إطالة مدة الصراع بأوكرانيا و ارتفاع الخسائر في الجنود خاصة، مما سيجعل الشعب ينقلب عليه، و قد رأينا بوادر ذلك حين أعلن بوتين التعبئة العامة، فما كان من الشباب الروسي إلا أن بدأ يغادر البلاد، و هذا الأخير يدرك ذلك جيدا، و زر القذائف النووية قريبة من أصبعه، فهل ستشهد الكرة الأرضية عملية انتحار جماعي لدى البشر؟ 

و لا يمكن إغفال مشكلة الصين مع التايوان، حيث إن الصين تعتبر التايوان أرضا تابعة لها و مصرة على استرجاعها، و الولايات المتحدة تعارض ذلك، و أرسلت حاملة طائرات لمؤازرتها.

و لا ننسى كذلك الصفقات التي عقدتها الصين مع بعض دول الخليج و على رأسها الكويت بعشرات المليارات من الدولارات، و هي منطقة معروفة بتبعيتها لأمريكا، و انعقاد مؤتمر الولايات المتحدة مع دول القارة الإفريقية، مما قد ينبء عن بوادر لقيام نظام عالمي جديد، و هذا أمر حتمي و إن لم يظهر اليوم، فإنه يتبلور ليقوم في المستقبل القريب كما يقول المراقبون.

يقول مثل عند أهل البادية في الغرب المغربي: "ملي كيتناطحو العجول، بريو تيمشي بين الرجلين"ذي تأكله الدواب) (بريو: ذلك النبات الصغير الذي ينبت بالأرض)، هذا حال الدول الصغيرة المتخلفة، متأثرة و ليست مؤثرة، ستتأثر لا محالة بكل ما ستفرزه العلاقة بين الدول الكبرى.

الوضع مخيف و مقلق، خصوصا حين ينضاف بعض المشوشين إلى المشهد و ينادون في الناس بضرورة سحب الأموال من الأبناك، و تخزين المواد الغذائية لأن العالم مقبل على ازمة خانقة، ربما لم يسبق لها مثيل.

هناك بعض المجانين من البشر الأنانيين الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عن الكوكب الأرضي، الذين يدعون أن الأعداد المتزايدة من البشر، أصبح فوق طاقة ما تتحمله الأرض، لذا يجب التخلص من أكبر عدد ممكن منهم، و الحفاظ على المليار الذهبي فقط.

لكن مهما يكن من كيد الكائدين، و ظلم أعداء الإنسانية الذين يريدون بها شرا، فإن الله عزت قدرته، الذي "إليه يرجع الأمر كله"، قادر أن  يرد كيد الكائدين، و يحمي عباده من مكائد شياطين الإنس (الصهاينة و البنائين الماسونيين ..) و الجن.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-