المنتخب المغربي: يجب أن تستمر هذه الطفرة


لا مراء أن ما كسبته كرة القدم المغربية من المشاركة في كأس العالم بقطر لهذه السنة، هو فريق المنتخب، الذي تميز بمميزات ملفتة، ساعدته على الوصول إلى مرتبة متقدمة لم يسبق أن بلغه منتخب من إفريقيا أو البلدان العربية، و هو نصف الدورة، بعد أن كان بعض المحللين من هنا و هناك، يسكتثرون عليه الوصول إلى دور الستة عشر..

إلا أن المنتخب المغربي فاجأ الجميع، بمستواه التقني، و المهارات الفردية، و خطته في اللعب، الشيء الذي مكنه من إقصاء منتخبات قوية، منها من كان مرشحا للظفر بكأس العالم بقطر، كبلجيكا و إسبانيا و البرتغال.

لقد عرف المنتخب المغربي بعض التغييرات، سواء على مستوى الطاقم التقني، حيث استبدل المدرب الأجنبي بمدرب محلي، و جيء ببعض اللاعبين المشهود لهم بالكفاءة، الذين كانوا يعانون التهميش أو الإقصاء (على رأسهم زياش و حمد الله) من طرف المدير التقني السابق خليلوزيتش، و لعب الفريق الوطني لعبا جماعيا يعلوه الشعور بالمسؤولية و العمل الجاد لتحقيق نتائج إيجابية ترضي الجماهير الغفيرة التي تتشوق إلى ظهور الفريق الوطني بمظهر مشرف على المستوى العالمي. 

و الذي كان يغلب على هذا المنتخب هو اللاعبين المغاربة الذين يلعبون في صفوف أندية أوربية، و منهم عدد لا يستهان به من الذين ازدادوا بالديار الأوربية، لكن أمهاتهم أشربوهم حب الوطن، و بثوا فيهم التشبع بقيمه و أخلاقه، لهذا كانت تلك الصور التي جمعت بعض اللاعبين بأمهاتهم عقب انتهاء المقابلات، تجلب أنظار وسائل الإعلام العالمية و تمدحها و تبين جمال ترابط الأسرة و البر بالوالدين، بخلاف السائد في الغرب، حيث تفكك الأسرة، و تنكر الأبناء للآباء، حيث يودعونهم ملاجئ المسنين حين بلوغهم أعمار متقدمة. 

و المعروف أن المدرب وليد الركراكي نفسه من أبناء الجالية، مما يسر التواصل أكثر بين الطرفين: لاعبين و طاقم تقني، و ساعد على خلق ذلك الترابط و الانسجام، الذي أثر لا شك، إيجابيا على أداء المنتخب الوطني. 

و الرجاء الذي يترجاه كل محبي كرة القدم بالمغرب، هو أن يستمر هذا التألق زمنا طويلا، و ألا يكون فلتة من فلتات الزمان، و لن يكون ذلك  إلا إذا استمرت الظروف المواتية معنويا و ماديا، و اسبعاد المشوشين الذين لا يحسنون إلا الاصطياد في الماء العكر، و استمر الاهتمام بالتكوين في مثل أكاديمية محمد السادس، و يمكن تشجيع الأكاديميات الشعبية و عقد شراكة معها لاكتشاف الطاقات الشابة التي يزخر بها الوطن، فهذه الأكاديميات أو النوادي تزخر بمواهب شابة، تنتظر من يأخذ بيدها و يصقل مواهبها، لتتألق مستقبلا في مجال كرة القدم الوطنية و الأوربية.

و نفس الأمر ينطب ق على باقي  الرياضات، خاصة منها ألعاب القوى، فقد سبق أن تألق بعض الأبطال كسعيد عويطة و نوال المتوكل و خالد السكاح و نزهة بيدوان و زهرة آيت واعزيز و هشام الكروج و البقالي حاليا، فمثل هذه الطفرات ينبغي أن تكون حلقات في سلسلة متواصلة، و ليست حلقات متفرقة، و لن يكون ذلك إلا بالتكوين و تشجيع المواهب الشابة المتوفرة لا شك، في كل المجالات.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-